كتاب ترجم لأكثر من 20 لغة ..الدروس الفنلندية في تجربة التغيير والإصلاح التعليمي


 


 


 

                                           
fin-lessons (1).jpg

عندما قدمت فنلندا ذاتها بأدائها المدهش والرفيع في الاختبارات الدولية منذ ديسمبر عام2001م وحتى اليوم، وبترتيبها المرموق في التنافسية الاقتصادية، وانجازاتها الباهرة على صعيد الشفافية والرفاه العام وجودة الحياة ومستوى المعيشة، شرعت وكالات التنمية الدولية والشركات الاستشارية ووسائل الإعلام، والباحثون التربويون وخبراء التعليم والاقتصاد، بالتنقيب في أسباب هذا التحول المفاجئ والمدهش واللافت للنظر.
وقد حظيت الإصلاحات التعليمية تحديداً في فنلندا بمزيد من الاهتمام والدراسة والبحث، فبدأ واضحاً للجميع أن فنلندا من خلال إصلاحاتها التعليمية الاستثنائية، تقدم نفسها كأنموذج مختلف في المشهد التعليمي العالمي، كنهج بديل عن نماذج وتجارب الإصلاح التعليمي في كل من أمريكا الشمالية وأوروبا وشرق أسيا.

لذا قام المؤلف ” باسي سالبرج ” بشرح قصة هذا النجاح التعليمي في كتابه “الدروس الفنلندية: الدروس المستفادة من تجربة التغير والإصلاح التعليمي في فلندا “, ونظراً لهذه لأهمية الاستثنائية للدروس الفنلندية، واعترافاً بالأفكار المبدعة التي حملها هذا الكتاب، قام مكتب التربية العربي لدول الخليج وترجم هذا الكتاب بتكليف الدكتور صالح القرني بذلك، ليكون مصدر إلهام لمسؤولي التعليم وصانعي السياسات التربوية والمفكرين والمخططين التربويين والباحثين في دول الخليج وفي الدول العربية كافة.
يتناول كتاب ” الدروس الفنلندية ” كيفية تطوير عملية إصلاح التعليم في فنلندا منذ الحرب العالمية الثانية، وهو أول كتاب للقراء على مستوى العالم يحكي كيف استطاعت فنلندا ايحاد نظام تعليمي، تمت الإشادة بعدالته وجودته العالمية على حد سواء حيث وصفت هذه التجربة ب “المعجزة التربوية “.
يشرح مؤلف الكتاب “Pasi sahlberg” الأستاذ الزائر في كلية الدراسات العليا التربوية في جامعة هارفارد والمدير العام السابق لمركز التعاون والحراك الدولي في وزارة التعليم والثقافة الفنلندية في كتابه “الدروس الفنلندية”, قصة النجاح التعليمي الفنلندية، موضحاً التحول نحو المدرسة الأساسية الشاملة والمدارة والممولة كلياً من القطاع العام، وكيف بنت فنلندا نظاماً تعليماً يرسخ للمساواة وتكافؤ الفرص التعليمية, بحيث يتعلم فيه الشباب بشكل متفاعل, مع اختلافات ضئيلة في الأداء بين المدارس، وكل ذلك بتكلفة وجهد بشري معقولين.
يتحدث سالبرج عن مهنة التدريس التي أضحت مهنة مرموقة تضاهي مهنتي الطب والمحاماة، وكيف أصبحت تجتذب أفضل المواهب والقدرات من الشباب الفنلندي للالتحاق بها، وكيف يحظى المعلمون في فنلندا بالاستقلالية المهنية، وفرص التطوير المهني الهادف طول حياتهم المهنية.
يتناول كتاب “الدروس الفنلندية” نظام إعداد المعلم الذي يشار إليه على أنه الأكثر تنافسية في العالم إلى جانب اليابان وكوريا الجنوبية، وسنغافورة.

يناقش الكتاب بعض المفارقات التعليمية، حيث المدارس الفنلندية كما يصفها سالبرج “منطقة خالية من الاختبارات”, وفي فنلندا يؤدي المعلمون ساعات تدريس أقل مقارنة بنظرائهم في البلدان الأخرى، والطلاب يقضون كذلك وقتاً أقل في الدراسة والاستذكار داخل المدرسة وخارجها مقارنة بأقرانهم في البلدان الأخرى.
 وعلى الرغم من هذه المفارقات العجيبة، ظلت فنلندا تتربع على عرش الصدارة العالمية في نتائج الاختبارات الدولية للطلبة في العلوم والرياضيات والقراءة في الفترة (2001-2011م)، كل هذه العوامل وغيرها تقف وراء النجاح الفنلندي، لكنها تبدوا في تباين وتناقص واضحين مع توجهات حركة الإصلاح العالمية في التعليم، التي تؤكد على المنافسة بين المدارس والاختبارات الموحدة، والمحاسبية التعليمية وخصخصة التعليم.
ويوضح الكتاب الدور الحاسم والمحوري الذي اضطلع به التعليم في فنلندا، بالتحول إلى اقتصاد المعرفة، وتحسين القدرة التنافسية الاقتصادية، وبناء دول الرفاه الاجتماعي. 

يحتوي كتاب “الدروس الفنلندية: الدروس المستفادة من تجربة التغير والإصلاح التعليمي في فلندا ” على خمسة فصول، الفصل الأول تناول الحلم الفنلندي: تكافؤ الفرص التعليمية (مدرسة جيدة للجميع)، موضحاُ الحقائق السياسية والتاريخية في فنلندا بعد الحرب العالمية الثانية، وكيف تم التحول نحو المدرسة الأساسية المشتركة الشاملة للجميع بحلول نهاية الستينات.
 وأجاب الفصل الثاني على سؤال جوهري، وهو هل كانت لفنلندا أداء رفيع في التعليم الماضي؟ وكان الجواب المقدم في هذا الفصل لا.

ويدور الفصل الثالث حول المعلمين ومهنة التدريس في فنلندا، حيث يتقصى الدور الحاسم الذي يؤديه المعلمون في فنلندا، ويصف الملامح الرئيسية لمهنة التدريس، وإعداد المعلمين، ومسؤوليات المعلم في فنلندا.
ويوضح الفصل الرابع بعض التداخل والاعتماد المتبادل بين السياسة التعليمية الفنلندية وسياسات القطاعات العامة الأخرى، حيث أسهم ذلك في حدوث الانتعاش الاقتصادي، وعلاوة على ذلك يشير هذا الفصل إلى أن التقدم في القطاع التعليمي حدث جنباً إلى جنب مع تغيرات حكومية أخرى أسهمت مجتمعة في تحسين القدرة التنافسية الاقتصادية والشفافية وسياسة الرفاه الاجتماعي.
وأخيراً يطرح الفصل الخامس سؤلاً مذهلاً، وهو كثيرا ما يسأل للفنلنديين من قبل زوارهم: ما مستقبل التعليم الفنلندي؟ وينتهي الفصل بالتأكيد على ضرورة أخد دروس مهمة من ماضي فنلندا كطريق ينبغي لما فعله في المستقبل. 

لقد حظي كتاب “الدروس الفنلندية” منذ الوهلة الأولى لصدوره في نسخته الأولى (2011م) بإعجاب الكثيرين من قادة ورواد الإصلاح التعليمي حول العالم، ولا عجب إذا ترجم الكتاب إلى أكثر من (20) لغة حول العالم، لكونه يتناول قصة النجاح الفنلندي في التحول التربوي والإصلاح التعليمي، أو كما يحلو للبعض تسميتها بـ “المعجزة الفنلندية”.
 وقد جذبت أفكار هذا الكتاب مجالس برلمانات عدد من الدول المهتمة بالإصلاح التعليمي، حيث نوقشت فيها أفكار الكتاب على نحو مستفاض، وتحويل أفكاره ورؤاه لبرامج وخطط تطويرية وإصلاحية للتعليم في بلادهم.
يقول المؤلف في ختام مقدمته للطبعة الثانية للكتاب، يحدوني الأمل أن تستمدوا من كتاب الدروس الفنلندية، أفكارا تلهمكم بأن هناك طريقا ممكنا لبناء نظام تعليمي حكومي يخدم كل أطفالنا، من خلال الوصفة الفنلندية للتعليم وهي ببساطة: اسأل نفسك ما إذا كانت سياسة الإصلاح التي تبادر بها أو تتبناها، هل يمكن أن تعود بالنفع على الطلاب والمعلمين، ويؤكد أنك إذا ترددت في الإجابة, فلا تنفذها وتضيع وقتك وجهود الآخرين!

fin-lessons (3).jpg

fin-lessons (2).jpg  
fin-lessons (1).png


 

المصدر