تستعد جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بعد أيام لحدث مهم يتمثل في تنظيمها المؤتمر الدولي “جهود المملكة العربية السعودية في ترسيخ وتأصيل منهج أهل السنة والجماعة والدعوة إليه ودعم قضايا الأمتين العربية والإسلامية” وذلك انطلاقاً من الموافقة السامية الكريمة، التي تحمَل الجامعة هذه الأمانة والمهمة الكبيرة وتعكس ثقة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود –حفظه الله- في الجامعة وإسهاماتها وقدرتها على الدمج بين تطبيق مبادئ الإسلام والتميز الأكاديمي والبحثي والتواصل الدولي وخدمة المجتمع المبني على التعاليم والقيم الإسلامية الأصيلة.
ويكتسب هذا المؤتمر أهمية كبيرة كونه يأتي في توقيت تشهد فيه المنطقة العربية والإسلامية ظروفاً استثنائية وتحديات جساماً في ظل هذا التشدد والغلو الذي ينتهجه من يزعمون اتباعهم لمنهج أهل السنة والجماعة، ويمارسون باسمه إرهابا أسود تجلت في أبشع صوره في ظهور تنظيمات دموية تكفر المسلمين وتحل دماءهم وتنهب أموالهم وتنتهك أعراضهم، وتستهدف الآمنين من غير المسلمين وتذبح أطفالهم ونساءهم وشيوخهم، الأمر الذي رسخ في أذهان الكثيرين من غير المسلمين لاسيما في الغرب صورة نمطية مضللة عن دين الرحمة ومنهج أهل السنة والجماعة، ما كان له انعكاسات خطيرة على المنطقة وشعوبها، التي تدفع ثمن هذا الفكر المنحرف.
في ظل تلك الظروف كانت الحاجة لتنظيم هذا المؤتمر الدولي لتبيان حقيقة مصطلح أهل السنة والجماعة وخصائصه النقية دون التباس وبراءته من هذه الأفعال التي يلصقونها به زوراً، بعيداً عن الإفراط والتفريط، من خلال مشاركة عدد كبير من العلماء الثقات من داخل المملكة وخارجها لتوضيح منهج أهل السنة والجماعة بسماحته ووسطيته وبيان حقيقة جهود المملكة العربية السعودية في تقرير العقيدة الإسلامية الصحيحة والدفاع عنها، وأثر الجهود الكبيرة لبلادنا الغالية في إنشاء المراكز وإقامة المؤتمرات والندوات المحلية والدولية لنشر منهج أهل السنة والجماعة.
إن أهمية المؤتمر لا تنبع فقط من الظروف التي تشهدها المنطقة في هذا التوقيت، بل أيضاً من جملة المحاور التي يناقشها، وفي مقدمتها دور المملكة العربية السعودية في دعم قضايا العرب والمسلمين وأبرزها القضية الفلسطينية والمسجد الأقصى.
ومعروف لكل منصف على وجه الأرض دور المملكة الرائد والمؤثر في قيادة المنطقة والدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية وخدمة الإسلام والمسلمين، انطلاقاً من مكانتها ومصداقيتها في المحيط العربي وسياستها العقلانية المتوازنة، التي أهلتها للقيام بدور الوسيط النزيه لحل الخلافات العربية حرصاً منها على وحدة الصف العربي والإسلامي، وتنقية الأجواء من أية خلافات. ولما كانت القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين الأولى، فقد ظلت عنصراً رئيسياً في سياستها الخارجية، وأخذت المملكة على عاتقها منذ عهد الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله الدفاع عنها في كل المحافل الدولية، وبلغة الأفعال لا الأقوال، وحتى هذا العهد الزاخر، عهد الحزم والعزم بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين.
ومن المحاور الرئيسية التي سيتناولها المؤتمر؛ جهود المملكة في نشر الدعوة إلى الله المستمدة من العقيدة الصحيحة، ونصرة المملكة لقضايا المستضعفين، وجهودها في مكافحة الإرهاب والغلو والتطرف، ودورها في تعزيز قيم الوسطية والاعتدال ونشرها والدعوة إليها، ورعاية المملكة الحوار بين المسلمين فيما بينهم ومع غيرهم، ورعايتها الأقليات المسلمة، وتبني قضاياهم، وجهود المملكة في العناية بالقرآن الكريم، والسنة المطهرة، ودعم العلم والعلماء، كما سيكون على طاولة المؤتمر دور المملكة في حماية أهل السنة من المد الصفوي، والتأكيد على دور المملكة في خدمة الحرمين الشريفين وتطبيق الشريعة.
إن تشريف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود- حفظه الله- لجامعة الإمام بموافقته السامية الكريمة على تنظيم هذا المؤتمر يأتي في وقت تزخر فيه الجامعة بخبرات طويلة وتاريخ حافل في مجال تنظيم المؤتمرات الدولية في المجالات المختلفة سواء أكانت المتعلقة بالمسائل الفكرية والطبية والقضائية أو التكنولوجية وغيرها، وبدعم معالي مديرها الشيخ الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل للحفاظ على مكانة جامعة الإمام في طليعة الجامعات السعودية، وتأدية دورها الوطني على أكمل وجه، في ظل الدعم والمساندة التي تحظى بها من ولاة الأمر- حفظهم الله.
وستبقى جامعة الإمام هي جامعة الريادة والسيادة لما تحمله من أهداف ورسالة سامية وما تزخر به من أساتذة وقضاة ومدرسين ودعاة يعملون لدينهم ووطنهم بصدق وأمانة وإخلاص.
المصدر