الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وبعد: فبعد أيام معدودة ينطلق من رحاب جامعتنا ـ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ـ المؤتمر الدولي: ( جهود المملكة في ترسيخ وتأصيل منهج أهل السنة والجماعة والدعوة إليه، ودعم قضايا الأمتين العربية والإسلامية)، والذي حاز شرف الرعاية من لدن سمو ولي العهد الأمين: صاحب السمو الملكي الأمير: محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ـ حفظه الله ـ .
ولا شك أن رعاية سموه ـ حفظه الله ـ لهذا المؤتمر تحمل في طياتها الكثير من الدلالات، من أهمها:
منهج هذه البلاد المباركة، الذي تأسست عليه، وهو منهج أهل السنة والجماعة، فلا يخفى أن هذه البلاد المباركة تأسست على كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فها هو الملك الصالح الإمام: عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ رحمه الله تعالى ـ المؤسس لهذه الدولة يفتخر بهذه الدعوة، والعمل بمقتضاها، فقال ـ رحمه الله تعالى ـ في خطابه في منى عام 1365هـ: ( إنني رجل سلفي وعقيدتي سلفية التي أمشي بمقتضاها على الكتاب والسنة)، وقال ـ أيضاً قدس الله روحه ـ : (الحقيقة أننا سلفيون، محافظون على ديننا، نتبع كتاب الله وسنة رسوله)، وها هو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ يحدد بدقة حقيقة هذه الدولة المباركة؛ انطلاقاً من العقيدة الإسلامية الصافية، ومنهج أهل السنة والجماعة، وسيراً على نهج والده الملك المؤسس، يقول ـ حفظه الله ـ : (قامت الدولة السعودية على أساس الكتاب والسنة، ولم تقم على أساس إقليمي أو قبلي أو أيديولوجي (فكر بشري)، فلقد تأسست على العقيدة الإسلامية منذ أكثر من مئتين وسبعين سنة، عندما تبايع الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب ـ رحمهما الله ـ على نشر الإسلام، وإقامة شرع الله عز وجل).
ومن تلكم الدلالات لرعاية وتشريف ولي العهد لهذا المؤتمر: الأهمية الكبرى لموضوع المؤتمر، وما يهدف إليه، وما تضمنه ذلك من مقاصد شرعية عظيمة؛ حيث يهدف إلى: بيان منهج المملكة العربية السعودية، وجهودها في جمع الكلمة، ولم الشمل، والتحذير من الفرقة والاختلاف، وتقرير العقيدة الإسلامية الصحيحة، وإنشاء الجامعات والكليات والأقسام العلمية المتخصصة لنشر منهج أهل السنة والجماعة، ومد جسور التواصل مع الشخصيات العربية والإسلامية والعالمية المؤثرة؛ لاطلاعهم على الصورة الحقيقية للمملكة العربية السعودية، إضافة إلى الرد على الاتهامات الباطلة الظالمة، وكشف ما وراءها من حقد دفين، وبغض لهذا البلد المبارك وقادته وأهله، ولقد حرص ولاة أمر هذه البلاد المباركة منذ عهد المؤسس ـ رحمه الله ـ، وحتى هذا العهد الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين: الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ على تسخير كافة الإمكانات المادية والمعنوية والبشرية لخدمة الإسلام وأهله، ونشر العقيدة الصحيحة وفق منهج أهل السنة والجماعة، ونشر قيم الدين الحنيف من السماحة واليسر والرحمة بالخلق والوسطية والاعتدال، ونبذ الغلو والتطرف والانحرافات الفكرية والعقدية، ويظهر ذلك جلياً من خلال الرؤية التي أطلقها ولي العهد الأمين في رؤية المملكة العربية السعودية (2030م)، فقد أكدت الرؤية في محور (مجتمع حيوي: قيمة راسخة) على الافتخار بالإرث الثقافي والتاريخي السعودي والعربي والإسلامي، وإدراك أهمية المحافظة عليه؛ لتعزيز الوحدة الوطنية، وترسيخ القيم الإسلامية الأصيلة، وإبرازها، والتعريف بها، ونقلها عبر الأجيال.
وبهذه المناسبة الكريم نتوجه بعميق الشكر وخالص التقدير والامتنان لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ ، ولمقام ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير: محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ على ما يبذلونه من جهود في خدمة الدين، والأمة، والإنسانية، جعل الله ذلك في موازين أعمالهم، والشكر موصول لمعالي الشيخ الأستاذ الدكتور: سليمان بن عبدالله أبا الخيل ـ مدير الجامعة عضو هيئة كبار العلماء رئيس اللجنة العليا للمؤتمر ـ على جهوده في إقامة المؤتمر، وتسخير كافة الإمكانات التي تكفل نجاحه, وتحقق أهدافه، ونسأل الله تعالى أن يحفظ ولاة أمرنا، ويوفقهم إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يحفظ علينا ديننا ووطننا الغالي من كل سوء ومكروه، وأن يديم على هذه البلاد المباركة: الأمن، والأمان، واللحمة الوطنية بين الراعي والرعية، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
د. يحيى بن علي العمري
عميد كلية الشريعة بالرياض
المصدر