حديقة الحيوان الهجينة: إنتاج أجنة خنازير بشرية، وحيوان هجين بين فأر وجرذ

الكائنات الهجينة ربما تمهِّد الطريق لإنماء أعضاء بشرية داخل حيوانات أخرى.

أنتج العلماء أجنة تحتوي على خلايا من الجرذان، وأخرى من الفئران.

Wu et al./Cell

قام علماء بنشر أول بحث خاضع لمراجعة الأقران، حول إنتاج أجنة خنازير بشرية مهجنة، في خطوة نحو إنماء حيوانات بأعضاء صالحة للزرع في البشر.

في بحث نُشر في السادس والعشرين من شهر يناير الماضي في دورية “سِل” Cell1، أعلن الفريق الذي أنتج هذه الأجنة الهجينة (أو ما يُسمى كائنات “الخيمر” chimaeras) أنه تَمَكَّن كذلك من إنتاج كائنات هجينة من خلايا فأر وجرذ، وأخرى من خلايا إنسان وبقرة. وقد تمدّ هذه الحيوانات المـُعَدَّلَة الباحثين بنماذج جديدة لاختبار الأدوية، وكذا فهم المراحل الأولى لنمو الإنسان.

ولإنتاج حيوان هجين، يقوم العلماء عادةً بأخذ خلايا جذعية متعددة القدرات – أي تستطيع التحول إلى أي نوع من الأعضاء –من أحد الأنواع، وحَقْنها في جنين نوع آخر في مراحل النمو الأولى. نظريًّا، مِن المفترَض أن تقوم الخلايا الأجنبية بالتمايز والانتشار في سائر الجسم، لكنْ في الواقع العملي ثَبُتَ أن إنتاج أجنة هجينة قادرة على البقاء على قيد الحياة أمر صعب.

وللتغلب على هذه المشكلة، قام فريق بقيادة أخصائي علم الأحياء النمائي خوان كارلوس إسبيسوا بلمونت – من معهد سولك للدراسات البيولوجية في لاهويا في كاليفورنيا – باستخدام تقنية “كريسبر” للتحرير الجيني؛ لإنتاج أجنة فئران خالية من الجينات المسؤولة عن تَكَوُّن الأعضاء، ثم قام العلماء بحقن خلايا جذعية لجرذ في أجنة الفئران تلك، وزرعوا الأجنة بعد ذلك في رحم أنثى فأر.

ولأن خلايا الجرذ كانت لا تزال تحتوي على جينات مسؤولة عن تَكَوُّن الأعضاء، كانت أعضاء الكائنات الهجينة الناتجة تتكون – إلى حد كبير – من خلايا الجرذ. وقد عاشت هذه الحيوانات حتى عامين، وهو متوسط العمر الطبيعي للفأر.

مزج وتوفيق

بعد ذلك.. حاول العلماء إنتاج هجين من نوعين بعيدي الصلة عن بعضهما: البشر، والخنازير. قام الفريق بحقن أكثر من 1,400 من أجنة الخنازير بأحد ثلاثة أنواع من الخلايا الجذعية البشرية المستحثة متعددة القدرات، وهي إما خلايا طبيعية، أو خلايا كانت مُهَيَّأة للنمو لأنْ تصبح أنسجة، أو كانت خلايا “وسيطة” ليست طبيعية، لكنها لم تتهيأ تمامًا بعد. وقد تم تعديل جميع الخلايا البشرية، بحيث تنتِج بروتينًا فلوريًّا أخضر؛ لتيسير التعرف عليها داخل الكائنات الهجينة الجديدة.

سمح العلماءُ للخنازير البشرية الهجينة أن تنمو لثلاثة إلى أربعة أسابيع، قبل القضاء عليها، تطبيقًا للوائح الأخلاقية؛ فوُجِدَ أن الكائنات الهجينة التي حُقِنَت بالخلايا الجذعية “الوسيطة” نمت، وظهر أنها تحتوي على الكمية الأكبر من الخلايا البشرية؛ ما يشير إلى أن المحاولات السابقة لإنتاج الكائنات الهجينة ربما استُخدِمَت فيها خلايا جذعية في مراحل نمو غير مناسبة.

ومع هذا.. فإن خلية واحدة فقط تقريبًا – على أفضل تقدير – من بين كل مائة ألف خلية من خلايا الخنزير البشري الهجين كانت بشرية، وفقًا لقول المؤلف المشارك جون وو، أخصائي علم الأحياء بمعهد سولك.

ويقول يعقوب حنَّا، أخصائي علم الأحياء النمائي بمعهد وايزمان للعلوم في رحوفوت في إسرائيل: “أعتقد أنها ورقة بحثية مهمة جدًّا، ومثيرة جدًّا”. والآن، كما يقول، سيرغب الباحثون في معرفة ما إذا كانت الخلايا البشرية في الكائنات الهجينة تحوي هيكل حمض نووي طبيعي، ويتم فيها التعبير عن الجينات بشكل طبيعي، أم لا.

ويقول هيروميتسو ناكاوشي – الباحث المتخصص في الخلايا الجذعية بجامعة ستانفورد في كاليفورنيا – إن قلة عدد الخلايا البشرية في الخنزير البشري الهجين تعني أن الطريق مازال طويلًا أمام الكائنات الهجينة تلك، ليصبح لها استخدام مفيد، كأن تنتِج أعضاء بشرية للتبرع مثلًا. ويضيف قائلًا: “إنها محاولة جيدة، لكن النتيجة تبدو سلبية أكثر منها إيجابية”.

آمال زرع الأعضاء

يَستخدِم فريق ناكاوشي أساليب مشابهة؛ لإنتاج كائنات هجينة من البشر والخراف، ويعود ذلك جزئيًّا إلى اعتقاده بأن أجنة الخراف قد تتقبل الخلايا البشرية بشكل أفضل من أجنة الخنازير، بيد أن وو يقول إن الخنازير ستكون – على الأرجح – أفضل المتبرعين بالأعضاء، إذ إنها تلد أعدادًا كبيرة؛ ما يتيح لها إنتاج الأعضاء بشكل أسرع. كما تقترب أحجام أعضاء الخنازير من نظيرتها في البشر.

ويسعى الباحثون إلى وضع عدد من الاستراتيجيات؛ لجعل الخنازير قادرة على التبرع بأعضاء بشرية، مثل استخدام تقنية “كريسبر” لتعطيل بروتينات الخنازير، التي يمكنها أن تسبِّب استجابة مناعية عند الرئيسيات. ويرى إيسبيسوا بيلمونت أن مميزات الكائنات الهجينة تكمن في إمكانية أنْ يستطيع الباحثون يومًا ما استخدام خلايا المريض نفسه؛ لإنتاج خنزير هجين بعضو بشري، تم إنماؤه تحديدًا لأجل هذا الشخص.

المصدر